بقلم ✍️ أ.د. مها عبد القادر

(أستاذ أصول التربية
كلية التربية للبنات بالقاهرة – جامعة الأزهر)

تلمسنا منافع التطبيقات الذكاء الاصطناعي التي ساهمت في الحد من مشكلاتٍ في الميدان العلمي والعملي والحياتي، بل وفتحت مسارات الابتكار في كافة التخصصات النوعية، وهذه الأمور ساعدت في انتشار استثمارها، بل والسبق غير المحدود في تدشين مزيدٍ من التطبيقات المجدية في شتى تنوعات التوظيف والاستخدام بمجالات الحياة المختلفة، والعجيب أن التطوير متاح للجميع بغض النظر عن عامل أو متغير السن أو الخبرة في التخصص الأكاديمي؛ إذ أن التجربة أثبتت طفراتٍ غير متوقعةٍ لحالاتٍ فرديةٍ بين شبابنا المصري الواعد.
وما كان لخيالٍ أن يصل إلى ما أبهر بصيرتنا من خلال التطبيقات الذكية التي أضحت متجددةً في تناولها ووظيفتها وخصائصها المتقدمة؛ فقد شوهدت في قدرتها الكبيرة والفاعلة تجاه المحاكاة لما يؤديه معلمٌ يمتلك مهارات الأداء التدريسي الإبداعي؛ حيث مقدرة تطبيقاتٍ بعينها على تلبية الاحتياجات المعرفية لدى المتعلمين بما أسهم في تشكيل بنىً قويةً وصحيحةً؛ إذ قدمت مزيدٌ من التعزيزات والتغذية الراجعة غير التقليدية بما أكد على عنصري التفاعل والدأب والمثابرة في اكتساب الخبرة وفق ماهية الإتقان.
ولا نستطيع أن نتجاهل التغيرات التي أحدثتها التقنية في أجيالٍ باتت رقميةً في كافة تعاملاتها وتصرفاتها وممارستها اليومية والاعتيادية، وهذا دون شكٍ أعطى لتطبيقات الذكاء الاصطناعي مقومات النجاح والانتشار؛ حيث ساهمت في خلق بيئاتٍ تكيف معها الإنسان بسرعةٍ؛ إذ لبت تفضيلات كل فردٍ على حدةٍ، وقضت على ظاهرة الفروق الفردية، وساعدت في تسريع مستويات الجاهزية للاستقبال والارسال، ومن ثم صار التواصل رهين اللحظة وفي ضوء الهدف منه.

ولا يخفى عنا سر فعالية بيئات تلك التطبيقات الذكية؛ حيث استنادها على علم الأعصاب وما تتوقعه من خوارزميات تقنيةٍ تقوم على علم الوراثة والجينات، ناهيك على الوظائف التقنية المشابهة لآليات عمل الدماغ البشرية من حيث المثير والاستجابة الفرضية وفقد مبدأ التوافيق والتباديل وفق نظرية الاحتمالات، مع الأخذ في الاعتبار النماذج المتعددة التي استندت على طبيعة وخصائص الإنسان وفق متغيراتٍ لا متناهيةٍ.

وما يحير البعض ويحدث هناك تخوفًا من سلبيات الاعتماد على التطبيقات الذكية يجعلنا نؤكد بأن ما على وجه الأرض من إمكانياتٍ ومقدراتٍ ومخترعاتٍ تتوقف على معيار الاستخدام والتوظيف الذي يتسق مع فلسفة الخلق القويم للطبيعة الإنسانية؛ فلا نستطيع أن نقاوم ما يتمخض عن العلوم من ابتكاراتٍ هي في الأصل صممت من أجل خدمة البشرية؛ حيث إن الآلة في حد ذاتها مُعينٌ ووسيلةٌ لبلوغ المرمى؛ فها هي الروبوتات التعليمية التي أحدث تغيرًا ملموسًا في العملية التعليمية والتدريب على وجه الخصوص لما لها من مقدرةٍ على أداء المهام بما يتوافق مع معايير الإتقان؛ فمن خلالها نستطيع أن نكسب المتعلم المعرفة وما يرتبط بها من مهاراتٍ وفق خصائصه وتفرده التعليمي.
وما نرصده من سهولةٍ ويسرٍ وتعاملٍ خاصٍ بالمهام الإدارية بمؤسسات الدولة والتي تقوم على إتاحةٍ ساهمت فيها التطبيقات الذكية، بما أدى بشكلٍ فاعلٍ إلى تحقيق إنجازاتٍ مبهرةٍ، بما ساعد في تبني المزيد والمطور منها، على أمل حصد نتاجٍ مثمرٍ يوفر الطاقات والوقت ويسهم في تحقيق المراد ويلبي مطامح الجمهور المستهدف، وعلى شاكلة هذا الأمر ما نراه في مؤسساتنا من تطبيقاتٍ متفردةٍ سهلت آليات التقييم والتقويم المؤسسي على مستوى فرديٍ وجماعيٍ؛ فقد أصبحت آليات تصحيح الاختبارات والمقاييس أمر ميسرًا وفي أوقاتٍ قياسيةٍ وبدقةٍ منقطعة النظير.

إن طاقات بني البشر قد يصيبها الفتور أو قد ينالها تعب ونصب أو قد يعتريها مللٌ أو ينتابها ارتباكٌ، وتلكما أمورٌ تتسق مع الطبيعة الإنسانية، في مقابل تطبيقاتٍ ذكيةٍ وروبوتاتٍ مصممةٍ من قبل الأنسان لتتحمل المشاق وتقدم الخدمة أو المهمة بشكلٍ سريعٍ ودقيقٍ، ومن هنا يمكننا القول بأن الذكاء الاصطناعي وما أفرزه من تطبيقاتٍ تتسم بالمتجددة والمتطورة فيما تؤديه يجعلنا نفخر بالعقل البشري الذي استطاع أن يبتكر ويربع في إيجاد ما يعينه في تحقيق خيالاتٍ لم نكن نتوقع معايشتها في حياتنا المعاصرة.