belbalady.net © DPA (Arabic) وجوه بشر مصر العليا. dpa

الأقصر 26 كانون الثاني/ يناير(د ب أ)- ينشط الفنان محمود الهواري، والفنانة فاتن أبوبكر، في القيام بجولات بين مدن وقرى ومعالم مصر العليا – التي تعرف باسم الصعيد - في إطار مبادرة فنية يقومان من خلالها بتوثيق ملامح الحياة اليومية والتقاط الصور لوجوه البشر الطيبين في تلك المناطق التي تتفرد بطبيعة خاصة جعلتها قبلة للكثير من الفنانين على مر العصور.

ووفقا لقول الفنان محمود الهواري، والفنانة فاتن أبوبكر، فإن مبادرتهما التي أطلقا عليها اسم " بشر مصر العليا " تهدف لتقديم صورة مغايرة عن تلك الصورة التي ترسمها الدراما وبعض وسائل الإعلام عن تلك المجتمعات، ووصفها بأنها مناطق فقر وثأر، ورسم صورة للحياة الآنية في تلك المناطق، وذلك بحسب قولهم.

بجانب إبراز ملامح الحضارة والفنون في تلك المجتمعات، التي يرى " الهواري " و" أبوبكر" بأنها مجتمعات غنية بكل مظاهر الحضارة، وقدمت للإنسانية الكثير من الشخصيات الإبداعية والفكرية، بجانب كونها مصدرا لنشر القيم والعادات والتقاليد التي يتمتع بها صعيد مصر.

" الهواري " و " أبوبكر " أشارا في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية(د.ب.أ)، إلى أنهما يهدفان أيضا من خلال مبادرتهما لتوثيق تراث مصر العليا وكل العادات والتقاليد من خلال التصوير، والعمل على نشر الثقافة البصرية والوعي بأهمية الصورة، وذلك من خلال إقامة المعارض الرقمية.

وأخيرا مشاركتهما الواسعة بمعرض " جذور " الذي استضافته مؤسسة الأقصر أرت جاليري، والذي احتوى على عشرات اللوحات الفنية التي تصور الحياة اليومية ووجوه البشر في جنوب مصر.

ولفت الفنان محمود الهواري، والفنانة فاتن أبوبكر، إلى أنهما تعمدا خلال مشاركتهما بمعرض جذور، أن يكون عرضهما لعشرات الصور في الهواء الطلق وأن يكون رؤية تلك الصور واللوحات متاحا لأكبر عدد من البشر، ولكل فئات المجتمع.

وأكدا على أن تلك الصور التي جرى عرضها والتي وصلت لقرابة 200 صورة، هي نتاج لجولاتهما وسط مدن وقرى ومعالم مصر العليا، وتضمنت توثيقا لمظاهر الأفراح، والموالد الشعبية، وما تشهده من ألعاب التحطيب والمرماح، والاحتفالات الدينية والملابس والأزياء التي تتميز بها تلك المناطق، بجانب وجوه البشر من أطفال ونساء وشيوخ، بجانب توثيق " العمة الصعيدي " أو العمامة التي تغطي رؤوس الناس، التي تختلف من منطقة لأخرى، إضافة إلى مظاهر العمارة، وخاصة العمارة القديمة والتراثية، في مناطق شتي من تلك التي قاموا بزيارتها والتي امتدت ما بين قنا والأقصر واسوان، وحتى مقام سيدي ابي الحسن الشاذلي في جبل حميثرة بصحراء مصر الشرقية.

وكما يقول الفنان الدكتور يوسف محمود، العميد الأسبق لكلية الفنون الجميلة بمدينة الأقصر، فإن صعيد مصر، والذي عُرف باسم " مصر العليا " في كتب الآثاريين وعلماء المصريات، قد حظي بمكانة كبيرة وشهرة واسعة اكتسبتها تلك المنطقة من تاريخها الضارب في القدم، وما تضمه من مدن ومعالم تاريخية جذبت أنظار العالم، مثل مدينة الأقصر التي كانت عاصمة لمصر القديمة على مدار مئات السنين، بجانب البيئة الغنية والطبيعة الخاصة للسكان، وهي جميعها أمور جعلت من تلك المنطقة ومعالمها التاريخية في الأقصر وأسوان ودندرة وابيدوس وغيرها، إضافة ‘لى ضفاف نهر النيل الخالد، مصدر إلهام لدى الكتاب والفنانين المحليين والعالميين.

ولفت العميد الأسبق لكلية الفنون الجميلة بمدينة الأقصر، في تصريحات لــ(د.ب.أ)، إلى أنه إذا كانت الكاتبة الانجليزية أجاثا كريستي، وغيرها من أدباء وشعراء العالم قد انشغلوا بكتابة نصوصهم الأدبية والشعرية التي تدور في عوالم صعيد مصر، فقد استقبلت المنطقة على مدار القرنين الماضيين الكثير من الفنانين التشكيليين الذين قدموا للعالم أجمل الصور واللوحات التي تصور طبيعة تلك المنطقة وأهم معالمها، مثل معابد الكرنك في الأقصر، وفيله في أسوان، ودندرة في قنا، وحتشبسوت وهابو في جبانة طيبة القديمة.

فيما اشار الفنان الدكتور صلاح شعبان، الأكاديمي في كلية الفنون الجميلة بمدينة الأقصر، في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية، إلى أن البر الغربي لمدينة الأقصر – أحد اشهر مدن مصر العليا – قد تحول إلى منطقة جاذبة للكثير من الفنانين التشكيليين المصريين والأجانب، الذين شرعوا في إقامة صالات خاصة لعروض الفنون التشكيلية من لوحات ومنحوتات، يستلهمها المبدعون من الطبيعة الخاصة للمنطقة وما تضمه بين جنباتها من مئات المقابر وعشرات المعابد التي شيدها حكام مصر القديمة من ملوك وملكات ونبلاء ونبيلات، وهي المقابر والمعابد لتي تُعد شاهدا على ان تلك المنطقة شهدت وقبل آلاف السنين الظهور المبكر لشتي أنواع الفنون التشكيلية من نقش ونحت ورسم، بجانب ما تسجله من ريادة لقدماء المصريين في مجالات العمارة والهندسة والفلك والعلوم، حيث يتوافد الفنانون لتلك المنطقة من شتى القارات والبلدان لممارسة فنونهم وسط تلك المعالم الخالدة والطبيعة الغنية التي تتفرد بها المنطقة.

(د ب أ) ح ج س/ ب ت 26/1/2022

© DPA (Arabic) وجوه بشر مصر العليا dpa