: البناء السردي وتشكيل الواقع في “قمر على شباك ضحى” للكاتب رضا محروس

almessa 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
البناء السردي وتشكيل الواقع في "قمر على شباك ضحى" للكاتب رضا محروس - جريدة المساء
  • أحدث المقالات
  • ترينـد
فلترة

13 ديسمبر، 2023

13 ديسمبر، 2023

13 ديسمبر، 2023

إعـــلان

13 ديسمبر، 2023

13 ديسمبر، 2023

13 ديسمبر، 2023

13 ديسمبر، 2023

13 ديسمبر، 2023

13 ديسمبر، 2023

المزيد

إعـــلان

بقلم/الهام عفيفي

سيظل الجدل قائما في المحافل الأدبية العالمية طالما أن الناقد يدخل على النص الفني بثقافته الخاصة.
وهناك قضية أخرى ستظل منظورة في ساحات الأدب العربي، وهي قضية أن النص الأدبي يتركب من مجموعة من المفردات المتراصة التي تقدم معنى أو سيمياء أو دلالة محددة يريد الكاتب أن يبلغها للمجتمع، هذا ما يجعلني لا أتعامل مع المجموعات القصصية كقصص منفردة، لكني أحاول أن أتتبع الخط الذي يصل بين جميع القصص.
ويمكن القول أن هناك ترابطً متبادلًا بين النقد والواقع، فالنقد يعكس الواقع ويتأثر به في نفس الوقت، وبما أن الكاتب يلعب دورًا مهمًا في المجتمع، فدائما ما يتعرض للانتقاد، وقد شهد التاريخ العديد من الأمثلة على ذلك، من سجن ونفي وقتل العديد من الكتاب بسبب آرائهم وكتاباتهم.

ولا شك في أن المجتمعات التي فقدت اهتمامها بالعلم، تكون أكثر عرضة للاستعمار الثقافي، بعد أن اكتشف المستعمر أنه اقل كلفة وأكثر تأثيرًا، ففي هذه المجتمعات تسود النظريات المعلبة والمستوردة التي تستمد علومها ومفاهيمها من خارج المجتمع نفسه، وتعتمد على الحيل والمكائد للسيطرة على هذا المجتمع بدلاً من المحاولات العلمية الصادقة.
وهكذا تتعرض النصوص لسوء التفسير سواء في الفكر أو تناول القضايا التي تعبر عنه، فكلمات الكاتب تهدف إلى نقل رسالة محددة، بينما يختلف فهم هذه الكلمات حسب عقل المستقبل وتكوينه وطبيعة التأثير عليه.
في النهاية، يمكننا القول إن النقد والواقع يمثلان جانبين من نفس العملة، وهما مترابطان ومتأثران ببعضهما البعض، ومن الضروري أن نفهم هذه العلاقة ونتعامل معها بحذر وفهم عميق لتفادي التبعات السلبية المحتملة.
هاجمتني تلك الأفكار كلما توغلت في قراءة المجموعة القصصية “قمر على شباك ضحى” للكاتب رضا محروس، والتي تناول فيها الكاتب عددا من الشخصيات
والأمراض المجتمعية من خلال الحكايات التي يرويها لنا بنفسه، حتى يشعر القارئ انها تجارب شخصية مر بها الكاتب.
ركز الكاتب في قصصه على شخصيات أبطاله بكل تفاصيلها، والتي جاءت في معظمها بنات وسيدات، يحكي عنهن متخذا صورة الراوي في بعض الأحيان ويحكي عن نفسه معهن في صورة المتكلم في أحيان أخرى.
يحاول الكاتب في كل قصصه أن يبرز ما تتعرض له المرأة من صور القهر المجتمعي بموضوعية شديدة فهي الأكثر تعرضا للقهر في المجتمعات الشرقية؛ فعرض أكثر من صورة لقهر المرأة في صغرها ومراهقتها وحتى امومتها، ويجاهد ليساندها ويجد لها حلا لمشكلتها، وكأنه يحاول إصلاح ما أفسده رجال مثله، فجعلني في بعض القصص اشعر أن احساسه بالذنب يدفعه لمحاولات لا قبل له بها، حتى أنه يذهب للموت باختياره حتى يلحق بضحى في قصة “قمر على شباك ضحى” عروس المجموعة.
فمن مشاكل المراهقة إلى مشكلة القهر على إجبار الفتاة على الزواج، ومشكلة العنوسة، وحتى ما تعانيه المرأة الجميلة من حسد وحقد الأخريات، وغيرها مما تعانيه المراة في المجتمعات المنغلقة فكريا، يتجول بنا الكاتب ليوجه اتهاما للجميع، لكنه نجح أن يخفيه، فلم يذكر الكاتب في أي قصة ان هناك مشكلة ولم تخبرنا أي من شخصياته بأنه تعاني، فقط يحكي ما يحدث للشخصية، ويتركنا لنتهم هذا المجتمع بما يلقيه على تلك الشخصيات من ظلم وقهر، ففي قصة “من قتل أسماء الراوي يقول:
(كلهم اشتهوك وعشقوك.. احتضنوك وقبلوك وكنت محظيتهم فقط في أحلامهم.. كلنا قتلناك بضعفنا وقهرنا على عتبات الصمت.. هل أنا شاركتهم قتلك يا أسماء؟! هل أستطيع أن أحتضنك بعدما أنهيتِ إجراءات إخلاء الطرف.. أقبِّل رأسك وأطلب منك العفو والغفران.. أعيد – الآن – إليها مفاتيح سيارتها وهي تمنحني ابتسامة عذبة.. هي لا تعلم أني قاتل مثلهم.. متواطِئ معهم بصمتي وضعفي.. يتوقف قلبي وأنا أبصرها تغادر بوابة المدرسة.. تمد يدها لتصافحني وأمد إليها يدي وأخشى أن تراها مخضبة بدمائها: أراك على خير «مستر» محمود. تقولها هكذا تقطر براءة وعذوبة..
«هل تستحق أسماء مني كل هذا الخزلان؟! » هي الآن تنطلق بسيارتها وتختفي سريعًا وسط الزحام.. وأستند أنا إلى سور المدرسة مقهورًا، أداري يدي وأحاول جاهدًا أن أبكي فلا أستطيع.)
اتخذ الكاتب لمعظم القصص عناوين تحمل أسماءً ثنائية لبطلاته يعرضهن كأنهن شخصيات يجب ان تكون مشهورة؛ فـ”من التاريخ السري ل «مروة النوساني»” إلى “البحث عن فاطمة الإبراهيمي” ثم “من قتل أسماء الراوي”، و”وردة عشق من أجل «آية عبد العاطي »” حتى حين استخدم الاسم المفرد في “قمر على شباك ضحى” و “صباح.. وجه تسكنه المحبة” تجد الكلمات المصاحبة للاسم توحي بالسمو وكأنه نوع من التكريم لهؤلاء المقهورات، بينما الشخصيات السلبية وغير السوية للمراة لا نجد لها اسما مذكورا في قصصه، وكانه يخفيها ولا يريد لها الظهور .
ولم يهتم الكاتب بوصف أماكن الأحداث في قصصه إلا بقدر ما تحتاج أبطال قصته لاستخدام المكان بوصفه الحاوية التي تؤطر هذه الأحداث وتؤثر على الشخصيات لكنه استطاع أن يبرر لتأثير الأماكن على الأحداث، والذي ظهر جليًا في نفس القصة، فوصف المكان الذي تسكن فيه ضحى وصفا يشي بأن المكان نفسه يعيش حالة الصراع حين قال:
(أنهيت الدرس الخصوصي قبيل العشاء بقليل.. قادتني قدماي – دونما إدراك مني أو وعي – إلى عنوانها.. اصطحبني صبي صغير إلى حارة ضيقة أعلى «قلعة الكبش ».. بيت قديم.. باب خشبي عالٍ.. تتكون أمامه بركة”.. صغيرة من الماء المتساقط من الغسيل الذي يملأ إحدى البلكونات.. قِطَّان يتصارعان على بقايا طعام أسفل السلم.. وموسيقى شعبية صاخبة تصدر
من الطابق الأرضي.. تمسكت بالإفريز الخشبي المتهالك.. صعدت درجات السلم الجيرية المتآكلة حتى الطابق الرابع.. ترددت قبل أن أدق الباب)
لفتت نظري قصة اعتقد انها تصلح لأن تتحول إلى سناريو لفيلم او مسلسل حلقاته منفصلة متصلة عن تلك العمارة التي يسكنه بطل القصة وهي “وقائع عشق امرأة مستبدة” والتي تعرض وحدها عددا لا بأس به من المشكلات والظواهر المجتمعية.
قدم الكاتب في مجموعته عدة صور للقهر الإنساني، ففي قصته “خطأ ما” والتي أراها أجمل قصص المجموعة عرض للنموذج المرضي لرجل الأمن الذي يستخدم سلطته لينتقم من أستاذه الذي كان يحاول تقييم سلوكياته المعوجة في صغره، والنموذج المعادل المتمثل في رجل النيابة الذي يحفظ فضل العلم فيعيد لأستاذه المدرس المثالي والمربي الفضل كرامته التي أهدرت، كما أعاد لبطل قصته “الدوائر” عزيمته وكرامته في مواجهة استسلامه لما واجهه من قهر من مديره في حياته العملية ومن زوجة متسلطة خائنة في حياته الشخصية، حينما أعاد نفسه لأصلها النقي والمتمثل في روح والده التي يراها دوما أمام المسجد، فذهب اليه مسرعا ليستعيد نفسه وكرامته، وكأنه يخبرنا بشكل غير مباشر أن النجاة في العودة الى أصلك وجذورك.
ولم تخل المجموعة من ظلال رومانسية بلوصوفية أيضا فجاءت قصة “البحث عن فاطمة الإبراهيمي” وكأنها قصيدة من الشعر يبكي فيها الحبيب دما وندما على تفريطه في حبيبته، حتى أن تعرضه لحادث سطو واعتداء لم ينسه التفكير فيها والبحث عنها بغية ان يجدها، وقصة “حديث القطط” للشيخ الطيب الغامض الذي يرتقي لمرتبة الأولياء وتظل القطط التي كان يرعاها تحيي ذكراه بموائها في شقته.
في النهاية قدمت مجموعة “قمر على شباك ضحى” للقارئ عدة نوافذ يستطيع أن يطل منها على نماذج مجتمعية نقابلها جميعا في مجتمعنا لكننا لا ننتبه لهم ولا نرى حياتهم ومشاكلهم ومعاناتهم بل وأمراضهم.
تحية للكاتب “رضا محروس” على هذا العرض الشيق لبعض النماذج والأمراض المجتمعية بلغة أدبية جميلة وسهلة دون خطابة أو شعارات

 

لا توجد نتائج

مشاهدة كل النتائج

جميع الحقوق محفوظة © 2021 لـ المساء - يُدار بواسطة إدارة التحول الرقمي.

الموقع يستخدم الكوكيز للحصول على تجربة تصفح مميزة. الاستمرار في استخدام هذا الموقع فإنك تعطي الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط. تفضل بزيارة سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط. أوافق

إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"

المصدر :" almessa "

أخبار ذات صلة

0 تعليق

محطة التقنية مصر التقنية دليل بالبلدي اضف موقعك
  • adblock تم الكشف عن مانع الإعلانات

الإعلانات تساعدنا في تمويل موقعنا، فالمرجو تعطيل مانع الإعلانات وساعدنا في تقديم محتوى حصري لك. شكرًا لك على الدعم ??