: الحملة الشعواء على “الأونروا”، هل هدفها تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين؟

shafaqna 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

belbalady شفقنا – بينما كان اهتمام العالم منصب على محكمة العدل الدولية التي أمرت إسرائيل بمنع أعمال الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين وبذل المزيد من الجهود لمساعدة المدنيين في قطاع غزة، وجهت إسرائيل اتهاما إلى بعض موظفي وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (اونروا) بالمشاركة في عملية “طوفان الأقصى” التي نفذتها المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي في السابع من أكتوبر 2023.

وجاءت هذه الاتهامات لبعض موظفي الأونروا بعد ساعات من إعلان محكمة العدل الدولية رفضها مطالب إسرائيل بإسقاط دعوى الإبادة الجماعية وإلزامها بتدابير لوقف الإبادة وإدخال المساعدات إلى غزة.

وكانت محكمة العدل الدولية، قد أخذت في القضية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل بتهمة ارتكاب جرائم حرب، تقارير الأونروا حول معاناة الفلسطينيين؛ إذ أشارت المحكمة إلى تقرير الأونروا الذي قالت فيه إن “القصف مستمر على غزة وتسبب بنزوح كبير للسكان وأجبروا على مغادرة منازلهم إلى أماكن ليست أكثر أمنا وتضرر أكثر من مليوني شخص وسيتضررون نفسيا وبدنيا والأطفال مرعوبون”.

وكانت تقارير الوكالة تملك مصداقية كبرى عن الحديث عن المجازر التي يرتكبها الاحتلال ضد المدنيين في غزة، وهو ما أثار حفيظة إسرائيل وجعلها أكثر رغبة في التخلص من الوكالة ودورها.

وما إن أعلنت الأونروا أنها تلقت معلومات من الاحتلال الإسرائيلي بخصوص مشاركة موظفين فيها بعملية طوفان الأقصى حتى بدأ عدد من الدول الغربية بما فيها الولايات المتحدة وإيطاليا وكندا وأستراليا وبريطانيا وفنلندا بوقف تمويلها عن الوكالة الدولية.

في المقابل، لا يُفوّت الفلسطينيون التذكير بأن الولايات المتحدة تقدم سنويا أكثر من 3 مليارات دولار من المساعدات العسكرية لإسرائيل، ناهيك عن أشكال أخرى من الدعم السياسي.

 

ماذا تعني الأونروا بالنسبة للاجئين الفلسطينيين؟

تعتبر وكالة الأونروا التي تأسست بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1949، ملاذا للاجئين الفلسطينيين، وتقدم العون لهم لحين التوصل إلى حلول لمعاناتهم.

وتعمل الوكالة على تقديم الدعم والحماية وكسب التأييد لحوالي 5.6 مليون لاجئ فلسطيني مسجلين لديها في الأردن ولبنان وسوريا والضفة الغربية وقطاع غزة. وهناك ما مجموعه 58 مخيماً للاجئين تعترف بها الوكالة الأممية.

ويتم تمويل الأونروا بالكامل تقريبا من خلال التبرعات الطوعية التي تقدمها الدول الأعضاء في الأمم المتحدة.

وبحسب بيانات الأمم المتحدة الصادرة في أغسطس/آب الماضي، فإنّ 63% من سكّان قطاع غزة يعانون من انعدام الأمن الغذائي ويعتمدون على المساعدات الدولية. ويعيش أكثر من 80% من السكان البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، تحت خطّ الفقر.

ويضم القطاع، ثمانية مخيّمات وحوالى 1,7 مليون نازح، أي الأغلبية الساحقة من السكان، وفقاً للأمم المتحدة.

ومن بين موظفي الوكالة البالغ عددهم 30 ألفاً، يعمل 13 ألف شخص في قطاع غزة، موزّعون على أكثر من 300 منشأة موجودة على مساحة 365 كيلومترا مربّعاً.

 

استهداف منشآت الأونروا

وكانت منشآت الأونروا ضمن دائرة الاستهداف الإسرائيلي في الحرب على قطاع غزة، إذ استشهد المئات، هم في الأصل لاجئون، في مقرات تابعة للوكالة، بينما قال وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس إن بلاده ستسعى لمنع الوكالة من العمل في قطاع غزة بعد الحرب.

وقال «تهدف وزارة الخارجية الإسرائيلية إلى تعزيز سياسة تضمن ألا تكون الأونروا جزء من اليوم التالي، ومعالجة العوامل المساهمة الأخرى، وسنعمل على حشد الدعم الحزبي في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول أخرى على مستوى العالم لهذه السياسة التي تهدف إلى وقف أنشطة الأونروا في غزة، ونطالب الأمم المتحدة باتخاذ إجراءات شخصية فورية ضد قيادة الأونروا».

ويرى مراقبون أن الأونروا أصبحت عنوانا أساسيا لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين، لذلك فإن استهداف الأونروا يأتي في سياق محاولة تصفية موضوع اللاجئين، ولا يمكن الحديث عن حل عادل للقضية دون أن يكون هناك حل عادل للاجئين.

وتعليقا على قرارات الدول التي علقت مساعداتها للأونروا، يقولو هؤلاء إن «هذه القرارات خطيرة، لأنها سياسية، ولأن هذه الدول هي دول مناصرة أصلا لإسرائيل في حرب الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني».

ويؤكدون أن «هذه القرارات استندت إلى معلومات استخباراتية إسرائيلية، وليس إلى معلومات مبنية على قضاء نزيه ومحاكمات عادلة للمتهمين، فالأشخاص الذين انتزعت اعترافاتهم انتزعت تحت التعذيب الوحشي من قبل الاحتلال، وهم مختفون قسريا لا يستطيع أحد أن يزورهم، وبالتالي تم الاعتماد على رواية المخابرات الإسرائيلية التي تحدثت عن أن هؤلاء الأشخاص ضالعون في أحداث السابع من أكتوبر».

أما سرعة التماهي الأمريكي مع إسرائيل في ما يخص قضية الأونروا أثارت التساؤلات بل الاستغراب.

الموقف الأميركي هذا أثار حفيظة كينيث روث المدير السابق لمنظمة “هيومن رايتس ووتش” والذي كتب على حسابه في إكس يقول “أتمنى لو كانت حكومة الولايات المتحدة سريعة في تعليق المساعدات العسكرية لإسرائيل بناء على قرار محكمة العدل الدولية بوجود إبادة جماعية معقولة، ناهيك عن الأدلة الوفيرة على جرائم الحرب، مثلما فعلت مع تعليق المساعدات للأونروا بسبب تواطؤ مزعوم لـ12 موظفا في هجوم حماس”.

إلى ذلك أثار إعلان تعليق عدد من الدول الغربية تمويلها للمنظمة حالة من الغضب والاستنكار لدى الرأي العام العالمي.

وكتب رواد العالم الافتراضي آراءهم بهذا الشأن وقالوا: أخذوا الوطن والآن يأخذون حتى خيمة الأونروا.

وقال مغردون إن ما يجري بحق الأونروا ليس سوى تعبير عن الإرادة الغربية بإنهاء الوجود الفلسطيني وشطب حق اللاجئين بالعودة إلى بلادهم. إن مخطط تصفية خدمات الأونروا ليس جديدا لكنه دخل اليوم مرحلة حرجة، وأن كل المشاريع التصفوية للقضية الفلسطينية كانت تجري على قدم وساق طوال السنوات الماضية لكن دون صخب.

وأضافوا: بمجرد اتهام من دولة الاحتلال بلا دليل سارعت 9 دول غربية لقطع التمويل عن الأونروا، بينما إن تعلق الأمر بجرائم الاحتلال فهي تكتفي بالمناشدة والدراسة وفي أفضل الأحوال التنديد.

وعلق بعض المتابعين على القرار بالقول إن دولة الاحتلال الإسرائيلي تقتل موظفي الأونروا وتقصف مدارسها وملاجئها ومكاتبها ومخازن المواد الغذائية، ثم تأتي هذه الحكومات الغربية لتكمل الجريمة من خلال قطع المساعدات وزيادة خنقها، مما سيؤدي إلى خنق الشعب الفلسطيني، وكأن هناك اتفاقا بين الدول الغربية وإسرائيل على إبادة الشعب الفلسطيني.

وأشار معلقون على القرار إلى أن السبب الحقيقي وراءه هو وضع مزيد من القيود المفروضة على المؤسسات الإنسانية العاملة في غزة، وكذلك التواطؤ مع إسرائيل على خنق الشعب الفلسطيني وتبرير قتل موظفي الأونروا وقصف مبانيهم. وبالتالي فان ما يجري بحق الأونروا ليس سوى تعبير عن الإرادة الغربية بإنهاء الوجود الفلسطيني وشطب حق اللاجئين بالعودة.

 

واقع إنساني مرير

وتأتي هذه التطورات في وقت يعيش فيه المدنيون في قطاع غزة واقعا إنسانيا مريرا، والمجاعة تتهدد سكان القطاع المحاصر.

وقد حذرت الأونروا من تفاقم مستويات الجوع في القطاع وسط ازدياد حالات الموت جوعا فيه.

وأعرب مفوض عام الوكالة فيليب لازاريني في مؤتمر صحفي عن قلقه من انتشار الجوع الذي لم يشهده قطاع غزة من قبل، مؤكدا أن جميع سكان القطاع يعانون من اليأس والجوع والذعر.

وأضاف أنه يشعر بالفزع جراء حملات “تشويه السمعة” التي تستهدف الفلسطينيين ومن يساعدهم، معتبرا أن الأونروا أحد أهداف الحرب الإسرائيلية على القطاع أيضا.

ومن جهة أخرى اعتبر لازاريني في بيان تعليق دول عدة تمويلها للوكالة بانه أمر “صادم”. وقال “إنه لأمر صادم أن نرى تعليق تمويل الوكالة كرد فعل على الادعاءات ضد مجموعة صغيرة من الموظفين” لا سيما في ضوء التدابير التي اتخذتها الوكالة الأممية، التي “يعتمد عليها أكثر من مليوني شخص من أجل البقاء على قيد الحياة”.

وأكد أنه لم يكن الفلسطينيون في قطاع غزة بحاجة إلى هذا العقاب الجماعي الإضافي.

وتعليقا على ذلك، قال مقرر الأمم المتحدة المعني بالحق في السكن بالاكريشنان راجاغوبال إن “تعليق بعض الدول تمويل الأونروا عقاب جماعي لسكان قطاع غزة، مشددا على أنه لا يمكن معاقبة شعب بسبب أخطاء مزعومة لأفراد في الوكالة.”

بدوره، قال وكيل الأمين العام الأممي للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث إن سكان غزة يعانون من أهوال وحرمان لا يمكن تصوره، والوقت غير مناسب لخذلانهم.

لذلك، فإن ما تتعرض له وكالة الأونروا من هجمات سياسية هدفه نزع الشرعية عن الوكالة وعن قضية اللاجئين الفلسطينيين.

وعليه، يجب التذكير بالمسؤولية التاريخية للأمم المتحدة وواجبات الدول تجاه إنهاء معاناة الشعب الفلسطيني التي طال أمدها، والتذكير بمسؤولياتها القانونية والإنسانية تجاه دعم وكالة الأونروا، وعدم التهرب من دفع مساهماتها المالية تحت ذرائع واهية، لأن المجتمع الدولي بأسره سيتحمل مسؤولية استمرار أزمة الوكالة وانعكاسها على اللاجئين، باعتبار قضية اللاجئين الفلسطينيين من أطول وأقدم المحن وسببها الأساس الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني.

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: لماذا لا تقوم الدول العربية والإسلامية بتمويل الأونروا؟ ولماذا تسكت هذه الدول عن الابتزاز الغربي؟ وما الحل لدى الدول العربية والإسلامية في تقديم الدعم لأهالي غزة الذين يتعرضون لحرب إبادة منذ ما يزيد عن مائة يوم؟

انتهى

إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"

المصدر :" shafaqna "

أخبار ذات صلة

0 تعليق

محطة التقنية مصر التقنية دليل بالبلدي اضف موقعك
close
  • adblock تم الكشف عن مانع الإعلانات

الإعلانات تساعدنا في تمويل موقعنا، فالمرجو تعطيل مانع الإعلانات وساعدنا في تقديم محتوى حصري لك. شكرًا لك على الدعم ??