كتبها- وليد شاهين

أطلق عليه محبيه “أمير النغم القرآنى” المتربع على عرش التلاوة

تعهده خاله بحفظ القرآن الكريم بعد وفاة والده.. واستعان به كبار قريته فى فض المنازعات والفصل بين الناس 

تميَّز بأدائه المتقن.. وتجليـّاته الروحانية التى تأخذنا إلى عالم الملكوت الربانى بجمال تلاواته وصوته الشجي.. وانتقالاته الرائعة والمدروسة بين المقامات القرآنية التي ينتقيها بدقة مع ما يناسبها من طبقات صوته.. ليبرز لنا مدى دقة التصوير القرآني لمعاني الآيات الكريمة.. فاستحق بجدار اللقب الذى أطلقه عليه محبيه “أمير النغم القرآنى” المتربع على عرش التلاوة.

الشيخ الشحات محمد أنور أحد أعلام قُرَّاء القرآن الكريم فى مصر والعالم، من مواليد محافظة الدقهلية فى الأول من يوليو عام 1950 بقريته كفر الوزير بمركز ميت غمر، وبعد ثلاثة أشهُرٍ من مولده توفى والده فتعهده خاله الشيخ “حلمى محمد مصطفى” ورعاه طوال مراحل تعليمه.. حيث أتم حفظ القرآن الكريم كاملاً ومجوداً على يديه وهو في الثامنة من عمره.

بدأ الفتى اليتيم فى قراءة القرآن الكريم فى المناسبات والحفلات وهو دون الثالثة عشرة عاماً، حتى ذاع صيته بين القرى المجاورة لقريته، وحقق شهرةً واسعة فى عالم التلاوة قبل أن يصل عامه العشرين، وذاع صيته خلال التسجيلات التى يتداولها محبيه، إلى جانب الحفلات القرآنية التى أحياها فى جميع قرى ومدن الجمهورية.

تميز بين أهل قريته بقوة شخصيته وحزمه فى الكثير من الأمور، حيث نال احترام كبار رجال القرية، وكانوا يدعونه للمشاركة فى مجالس الصلح والفصل بين المتنازعين رغم صغر سنه، نظراً لرجاحةِ عقله وحسن تقديره وإنصافه بين الناس.

أخذ الشيخ على عاتقه تطوير أدائه من خلال دراسة القراءات العشر، خاصةً القراءة عن رواية “ورش، وحفص”، ثم التحق بمعهد الموسيقى العربية ليتعلم المقامات الموسيقية، ليصبغ على الآيات الشكل الذى يناسبها فى التأثير على المستمعين، حيث استطاع من خلال المقامات أن يتعلم من أسلوب الشيخ “محمد صديق المنشاوى” الخاص بطريقة التصوير القرآنى والمتعلق بكيفية قراءة آيات الترهيب واختلافها عن آيات الترغيب.

وفى إحدى الحفلات التى أحياها الشيخ “الشحات” بميت غمر استمع له “كامل البوهى” رئيس إذاعة القرآن الكريم آنَذاك، فنصحه بضرورة التقدم للإذاعة، وبالفعل تم اعتماد الشيخ “الشحات” قارئاً بالإذاعة المصرية عام 1978، وكان وقتها لم يتجاوز عمره 27 ربيعاً، ومع حسن تلاوته وفن الأداء، سجل الشيخ القرآن الكريم مرتلًا وأجازه مجمع البحوث الإسلامية.

تزوج الشيخ الشحات محمد أنور من ابنة عمه السيدة نعمات محمد كمال، ورزقهما الله بـ 6 من الإناث و 3 ذكور، وجميعهم من حفظة كتاب الله، وهم “نجلاء” وهى حاصلة على بكالوريوس الزراعة، و”أمينة” وهى حاصلة على بكالوريوس التجارة، و”حسنات” وهى حاصلة على بكالوريوس التجارة أيضاً، و”أنور” وهو حاصل على ليسانس اللغة العربية جامعة الأزهر، وهو من قراء العصر الحالى، و”محمد” وهو حاصل على ليسانس الشريعة والقانون جامعة الأزهر، و”محمود” وهو حاصل على ليسانس الدراسات الإسلامية جامعة الأزهر، وهو من مشاهير القراء حالياً فى مصر والعالم الإسلامى، حيث انضم إلى نقابة القراء والتحق بالإذاعة المصرية، ومن أبناء الشيخ الشحات محمد أنور أيضاً “كريمة” و”أسماء” و”ضحى”.

قام الشيخ الشحات محمد أنور ببناء مسجد على مساحة ثلاثمائة متراً أسفل منزله الكائن بكفر الوزير وأطلق عليه مسجد “التقوى” واختار “هاشم مرسى” إماماً للمسجد، حيث كان زعيماً لمجموعة من رفقاء السوء؛ ولكن الله تعالى منَّ عليه بالهداية وصدق التوبة وحفظ القرآن الكريم.

حقق الشيخ –رحمه الله- شهرةً واسعةً فى مصر والعالم العربى والإسلامى، حيث شارك في إحياء ليالى شهر رمضان بعددٍ من الدول الإسلامية، وكان يسافر مرَّاتٍ عديدة مكلفاً ومبعوثاً من قبل وزارة الأوقاف المصرية، ومرَّاتٍ أخرى بدعوات خاصة، فتعلق به الملايين من محبي سماع القرآن الكريم خارج مصر في المركز الإسلامي بلندن ولوس أنجلوس والأرجنتين وأسبانيا والنمسا وفرنسا والبرازيل ودول الخليج العربي ونيجيريا وتنزانيا والمالديف وجزر القمر وزائير والكاميرون وكثير من دول شرق ووسط آسيا وخاصة إيران والهند وباكستان.

انضم الشيخ الشحات إلى نقابة القراء المصرية التى أسسها الشيخ “عبد الباسط عبد الصمد”، وفي عام 1994 قرأ القرآن في الاحتفال بالمولد النبوى الذى أقيم بالإسكندرية وحضره رئيس الجمهورية، وفي عام 2001 فاز بالمركز الأول في مسابقة الملك فيصل الدولية حيث تفوق على أقرانه من قراء العالم الإسلامى.

انتقل إلى رحمة الله عام 2008 تاركاً رصيداً كبيراً من التسجيلات ومن ابنائه القراء “أنور، ومحمود” الذين حملوا مشعل التلاوة.. ينيرون به جنبات الدنيا بإبداعاتهم المتواصلة.. وأصواتٍ ندية تصدح بآيات الله.