: مزامير داود (الحلقة السابعة) الشيخ راغب مصطفى غلوش.. شاويش الإذاعة

almessa 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

إعـــلان

كتبها- وليد شاهين

أطلقت عليه الصحف “شاويش فى الإذاعة المصرية”.

طلب من محافظ كفر الشيخ التزام الصمت أثناء التلاوة.. واحتفت به بلدان العالم

تميز الشيخ راغب مصطفى غلوش بحبه الجامح لآيات الله المحكم، فهو من أبرز القراء “الخاشعين” شهرةً فى العالم الإسلامى، فتأثرك بقطرات دموعه المتلألئة كحبات الألماس التى تتساقط من مقلتيه عندما يقرأ آيات الله التى تهتز لها الجبال الرواسى وتنشق لها الصخور الصماء.

ولد الشيخ فى صبيحة 5 يوليو 1938 بقرية برما، مركز طنطا بمحافظة الغربية، أراد والده أن يلحقه بالتعليم الأساسي ليكون موظفاً كبيراً، لكن أحد أقاربه أشار عليه بأن يدفع “راغب” الصغير إلى أحد مشايخ القرية لكي يحفظه القرآن الكريم، فوافق الوالد على الفور، بحيث يذهب “راغب” إلى كُتاب الشيخ المُحفِّظ بعد انتهاء اليوم الدراسي، ولكن الموهبة أعلنت عن نفسها فكان الطفل الصغير ابن الثامنة حديث أهل القرية وخاصة المحفظين والحفظة.

في الرابعة عشرة من عمره ذاع صيته بالقرى المجاورة حتى وصلت مدينة طنطا معقل العلماء وتوالت إليه الدعوات من القرى والمدن القريبة من قريته، وبدأت انطلاقته الحقيقية عندما تلقى دعوة لإحياء حفلات شهر رمضان عام 1953 بقرية محلة القصب بمحافظة كفر الشيخ، حيث اعتادت تلك القرى استقبال اثنين من كبار القراء بالغربية ونجوم التلاوة فى العالم العربى وقتها، وهم الشيخ مصطفى إسماعيل، والثاني الشيخ محمود خليل الحصري، وكل منهما نشأ في إحدى قرى طنطا.

دأب الشيخ “راغب” على تقليد الشيخ “مصطفى إسماعيل” فى طريقة القراءة، حتى أحبه الناس وأصبح له طريقته الخاصة فى عالم ما يوصف بالنغم القرآنى، والتحق بمعهد القراءات بالمسجد الأحمدي وتوّلاه بالرعاية الشيخ “إبراهيم الطبليهي”، حيث تعلم على يديه علمي التجويد بأحكامه والقراءات، حيث استطاع أن يحصل على إجازة فى قراءة “ورش”، ومكنه الشيخ “الطبليهى” من أن يصبح قارئاً للقرآن كل يوم بالمسجد الأحمدي، وخاصة بين أذان العصر والإقامة، فالتف الكثيرون حوله واحتل قلوب الناس، وكان الشيخ دائماً يقول: :أحرصُ تمام الحرص على قراءة القرآن وتلاوته بتقوي وإلتزامٍ شديدين”، حتى استطاع أن يصنع له مجداً وهو صغير قبل أن يبلغ الثامنة عشرة.

التحق الشيخ “راغب” بالخدمة العسكرية عام 1958 وكان عمره عشرين عاماً، تم توزيعه على مركز تدريب بلوكات الأمن المركزي بالدراسة، ونظراً لقرب معسكره الشديد من المسجد الحسينى، تردد المجند “راغب” على المسجد كثيراً وتعرف على شيخ المسجد وقتها “حلمي عرفه” وقرأ أمامه ما تيسر من القرآن فأبدى إعجابه الشديد به.

وفى إحدى المرات التى كان ينتظرها المجند المصابر.. تأخر مقرئ  المسجد وهو الشيخ ” طه الفشني” رحمه الله- عن أذان العصر وكان ذلك فى أحد أيام رمضان، فطلب من شيخ المسجد أن يقدمه للأذان وقراءة عشر دقائق بين الأذان والإقامة، وكان يقدم وقتها الشيخ محمد الغزالى -رحمه الله- درساً فى المسجد، وعندما انتهى وجاء وقت الأذان تقدم المجند “راغب” بزي الأمن المركزى الذى كان يرتديه ورفع أذان العصر وسُمِح له بقراءة عشر دقائق، وعندما بدأ فى القراءة تغيَّر الجو العام داخل المسجد من فرط إعجاب المصلين به، وظل يقرأ بصوته الشجى لأكثر من نصف ساعة نزولاً على رغبات مرتادى المسجد.

تعرف الشيخ وهو لا يزال مجنداً على “محمد أمين حماد” مدير الإذاعة المصرية آنذاك، حيث كان من رواد مسجد الإمام الحسين، واستقبله فى مكتبه بمسبيرو، وقدم له المجند “راغب” طلباً لكى يتمكن من دخول اختبارات الاعتماد لدى الإذاعة المصرية، وذلك قبل خروجه من الخدمة بشهر، وحسب الموعد المحدد للاختبار ذهب “راغب” إلى لجنة الاختبار بزيه العسكرى، حتى اعتقد نحو 160 قارئاً كانوا يستعدون للاختبار بأنه ضمن حرس مبنى التليفزيون ودخل إلى مكان اللجنة عن طريق الخطأ، وبالفعل تم اعتماد المجند “راغب مصطفى غلوش” قارئاً للقرآن الكريم فى الإذاعة المصرية عام 1962 حتى أطلقت عليه بعض الصحف باعتباره أصغر مقرئ يتم اعتماده فى الإذاعة لقب “شاويش فى الإذاعة المصرية” و “شاويش ومقرئ”.

تزوج الشيخ “راغب” وأنجب 4 أبناء ولدان وبنتان، الابن الأكبر “ياسر” ويعمل إمام وخطيب بأحد المساجد، و”مصطفى” يعمل بالأعمال الحرة ولديه ابنتان متزوجات ويقمن بطنطا.

ومن المواقف الشهيرة للشيخ -رحمه الله- أنه فى التسعينيات وأثناء تلاوته للقرآن يوم الجمعة فى المسجد الدسوقى، وبحضور محافظ كفر الشيخ، لاحظ الشيخ “راغب” كثرة حديث المحافظ مع معاونوه وارتفاع أصواتهم أثناء قراءة القرآن، وطلب منه الشيخ أن ينصت للقراءة فلم يستجب المحافظ، فما كان من الشيخ إلا أن صدق ولم يكمل القراءة، وحدث بينهما مشادة كلامية تطورت إلى أن تحدث الشيخ مع المحافظ قائلا له: “أنت محافظ من ضمن 25 محافظاً لكننى أنا الشيخ راغب مصطفى غلوش ولا يوجد غيرى”، وتدخل المحافظ لدى وزير الأوقاف آنذاك، وأصدر الوزير قراراً بمنع الشيخ “راغب” من القراءة إلى أن تم إجراء حركة محافظين وتغيير المحافظ وعاد مرة أخرى للقراءة بالمسجد الدسوقى.

سافر الشيخ “راغب” إلى معظم دول العالم ومنها إيران، كل شهر رمضان على مدار 30 عاماً متتالية، كما وجهت إليه الدعوات من دول عربية لإحياء المناسبات الرسمية وخاصة في الكويت والإمارات والسعودية، وفي السنوات الأخيرة فضل البقاء في مصر في شهر رمضان المبارك.

ترك الشيخ تراثاً قرآنياً عظيماً تزخر به المكتبات السمعية فى جميع أنحاء العالم، كما أن له تسجيلاً مرتلاً يذاع بإذاعات دول الخليج العربي، وأطلقت عليه الجماهير الجزائرية “فارس قراءة القرآن”، وظل يتلو قرآن الفجر مرة كل شهر بأشهر مساجد مصر على الهواء مباشرة بالإضافة إلى تلاوته يوم الجمعة والمناسبات الدينية عبر موجات الإذاعة وشاشات التليفزيون.

ظل الشيخ يصدع بصوته العذب مرتلاً لكتاب الله لنحو 54 عاماً لم ينقطع، حتى رحل بجسده لا بصوته وتراثه عن دنيانا في 4 فبراير 2016 بعد مرض آلمَّ به.. نقل على إثره إلى أحد المستشفيات عن عمر يناهز 77 سنة.

الشيخ راغب مصطفى غلوش
الشيخ راغب مصطفى غلوش
الشيخ راغب مصطفى غلوش
الشيخ راغب مصطفى غلوش
الشيخ راغب مصطفى غلوش
الشيخ راغب مصطفى غلوش فى الحج
الشيخ راغب مصطفى غلوش مع الشيخ نصر الدين طوبار خلال زيارة أحدى دول العالم
الشيخ راغب مصطفى غلوش مع الشيخ نصر الدين طوبار
الشيخ راغب مصطفى غلوش يحمل أحد أحفاده
الشيخ راغب مصطفي غلوش والشيخ امحمود لطبلاوى رحمهما الله تعالى
خروج جنازة الشيخ راغب مصطفى غلوش من مسجده
خروج جنازة الشيخ راغب مصطفى غلوش من مسجده
صورة نادرة للشيخ راغب مصطفى غلوش
صورة نادرة للشيخ راغب مصطفى غلوش

إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"

المصدر :" almessa "

أخبار ذات صلة

0 تعليق

محطة التقنية مصر التقنية دليل بالبلدي اضف موقعك
close
  • adblock تم الكشف عن مانع الإعلانات

الإعلانات تساعدنا في تمويل موقعنا، فالمرجو تعطيل مانع الإعلانات وساعدنا في تقديم محتوى حصري لك. شكرًا لك على الدعم ??