: مزامير داود (الحلقة التاسعة) الشيخ محمود على البنا.. الصوت الملائكى

almessa 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

إعـــلان

كتبها- وليد شاهين

ترك المعهد الأزهرى دون علم والده ليتفرغ لدراسة علوم القرآن

قرأ القرآن عند مقام النبى واستأذنه قبل التلاوة.. فأبكى الناس

عندما اعتمد بالإذاعة أضرب القراء.. فاتسعت له الساحة وعلا نجمه

الشيخ محمود على البنا يعتبره الناس أيقونة أساسية لروحانيات شهر رمضان.. وأحد الخمسة الكبار الذين سجلوا المصحف مرتلاً للإذاعة المصرية.. وصفه مُحِبيه بصاحب الصوت الملائكى.. الذى يفسر الكلمات ويصور معان القرآن الكريم لكى تعيش أجواء الآيات كما أنزلت على قلب الحبيب المصطفى.. مدافعاً للحق.. وعند ظهوره واعتماده بالإذاعة أضرب القراء عن التلاوة في الإذاعة.. فزادت شهرته وعلا نجمه يلألئُ فى سماء القراءة.

هو من مواليد قرية شبرا باص مركز شبين الكوم محافظة المنوفية في السابع عشر من ديسمبر 1926، نذره والده الذى كان يعمل مزارعاً للقرآن وخدمة أهله منذ ولادته، خاصةً أنه لم يكن يعيش له ذكور, وفي سن مبكرة ألحقه بكتاب القرية قبل أن يتم الخمس سنوات فأتم حفظ القرآن في التاسعة من عمره على يد الشيخ موسى المنطاش، فكان أصغر طفل بالقرية يحفظ القرآن الكريم كله.

قد يعجبك أيضاً

حاول جده أن يلحقه بمعهد المنشاوي الديني بمدينة طنطا؛ إلا أن صغر سنه حال دون ذلك، لكنه التحق به بعد أن بلغ الثانية عشرة من عمره، وظل يدرس ويعيش بمفرده بعيداً عن والده, وكانت مدينة طنطا في ذلك الوقت عامرة بالقراء العظام كالشيخان “سعودي، والشعشاعي” فأخذ يتردد على أماكن تواجد هؤلاء القراء ليستمع إليهم ويتعلم منهم، ثم يعود إلى البيت محاولاً تقليد أسلوبهم وطريقة أدائهم حتى أنتشر صيته بين زملائه الدارسين بالمعهد.

انصاع الصبى الصغير “محمود على البناء” لنصيحة زملائه بضرورة دراسة علوم القرآن والتجويد والتفرغ للقراءة؛ ترك المعهد دون على والده وذهب إلى المسجد الأحمدي بطنطا والتقى الشيخ “إبراهيم سلام” شيخ المقرأة، ولكن الشيخ طلب منه قراءة القرآن عليه ليقرر مدى أهليته؛ فلما استمع إليه أثنى عليه مما كان له الأثر الطيب في نفس الصبي “محمود” فحفظ الشاطبية للأمام الشاطبي، ثم قرأ عليه القراءات العشر واستمر عامين على هذا النحو يتلقى علوم القرآن، وكان والده قد علم بأمره؛ إلا أنه لثقته به لم يعلق على أمر تركه الدراسة بالمعهد الديني.

نصحه شيخه في عام 1944 بأن يذهب إلى القاهرة، وأقترب من عظام القراء، ثم ذهب إلى الشيخ درويش الحريري ليتعلم الموسيقى وعلم المقامات الموسيقية ولم يكن قد تجاوز السابعة عشرة من عمره بعد.

ذاع صيت الشيخ “البنا” بدءاً من عام 1947 حينما استمع له بعض المسئولين بجمعية الشبان المسلمين؛ فقدموه إلى صالح باشا حرب رئيس الجمعية في ذلك الوقت، والذى لم يخف إعجابه الشديد بصوت وأداء الشيخ، وعيَّنه على الفور قارئاً للسورة بمسجد الشبان المسلمين، وفي نفس العام أقامت الجمعية حفلاً بمناسبة العام الهجري دُعِىَ إليه كبار علماء الأزهر، وحضره على باشا ماهر رئيس الوزراء، ومحمد بك قاسم مدير الإذاعة المصرية آنذاك، وأُعجب به الأخير أيما إعجاب وطلب منه أن يتقدم للاعتماد فى الإذاعة فى اليوم التالى، وبالفعل تقدم “البنا” لأعضاء لجنة الاختبار، وحظى بالقبول، وتم اعتماده عام 1948 مقرئاً بالإذاعة المصرية وعمره لم يتجاوز 21 عاماً، فكان أصغر قارئ يعتمد بالإذاعة المصرية في ذلك الوقت.

وفى أول لقاء بينه وبين المستمعين عبر أثير الإذاعة عام 1948 وبعد أن قدمته للمستمعين على الهواء مباشرةً الإذاعية الراحلة صفية المهندس؛ أصيب الشيخ برهبةً وقلق شديدين، فهدأته “صفية” وأعطته الثقة الكافية فى نفسه وشجعته بعد أن حجبت الصوت عن المستمعين قائلةً له: “استمر ياشيخ محمود.. فصوتك ممتاز” وبالفعل بدأ بالقراءة مرة أخرى إلى أن أنتهى من التلاوة وسط تصفيق وتشجيع كل من حضر من العاملين داخل استديو البث.

بمجرد اعتماد الشيخ “البنا” قارئاً بالإذاعة حدثت بعض المشاكل والاعتراضات من قبل بعض المقرئين القدامى على مساواته بهم في الأجر, وكان الشيخ مصطفى إسماعيل يتقاضى 12 جنيهاً في الشهر وكان الشيخ “البنا” يتقاضى 6جنيها في الشهر، فاعترضوا على أجريهما، وأضربوا عن القراءة بالإذاعة، ولم يذهبوا إليها حتى يؤثروا على المسئولين بالإذاعة لتلبية رغباتهم فتزيد أجورهم، أو يتم تخفيض أجر الشيخ “البنا”؛ إلا أن إضرابهم كان في صالح الشيخ “البنا”، حيث اتسعت الساحة له منفرداً لرفع الأذان على الهواء ويقوم بتلاوة قرآن السهرة والافتتاح، حتى أصبح “البنا” يلتقي بالمستمعين كل يوم دون ترتيب منه؛ فذاعت شهرته وعلا نجمه فى الأفاق.

عُيِّن الشيخ قارئاً للسورة بمسجد الملك بحي حدائق القبة بشارع مصر والسودان ثم بمسجد الرفاعي ثم صدر قرار تعيينه قارئاً بمسجد الإمام الحسين عام 1959 وفي نفس اليوم صدر قراراً بندبه قارئاً للسورة بالمسجد الأحمدي بمدينة طنطا، وظل به أكثر من واحد وعشرين عاماً، انتقل بعدها إلى مسجد الإمام الحسين بالقاهرة عام 1980 وظل به حتى وفاته.

تزوج الشيخ “محمود على البنا” وأنجب سبعة أبناء “خمسة ذكور، وبنتين”، بعدها شارك فى تأسيس نقابة محفظي وقراء القرآن الكريم بمعاونة الشيخ “عبد الباسط، وشعيشع، والرزيقي”.

كانت أم الشيخ “محمود البنا” كثير الدعاء بأن يكون ابنها خادماً لبيت الله، وعندما ذاعت شهرة الشيخ أنتدب قارئاً للسورة بالمسجد الأحمدي بمدينة طنطا، وفى ذات يومٍ ذهبت أمه إلى المسجد ورأت الناس يعانقونه ويقبلونه ويلتفون حوله فتركته وانصرفت إلى بيتها فرحة مستبشرة لما رأت، فلما عاد إلى البيت سألها عن حالها بعد أن رأته والناس يلتفون حوله يعانقونه، قالت له: “رأيتك اليوم رئيساً للخدم.. والحمد لله فقد استجاب لدعائي”، فكان الشيخ يقبل يدها ويعانقها قائلاً: “نعم يا أمي فأنا خادم للمسجد كما تريدين وذلك بقراءتي القرآن الكريم فيه”.

ومن المواقف المؤثرة فى حياة الشيخ “البنا” أنه عندما سُمِحَ له بقراءة القرآن الكريم عند مقام النبى صلى الله عليه وسلم بالمدينة المنورة، لم يستطع الشيخ “البنا” البدء فى القراءة قبل أن يقف عند المقام الشريف ويستأذن النبى فى القراءة تأدباً معه خاصةً أن صوت التلاوة سيكون مرتفعاً ليسمعه الناس، ثم بدأ فى القراءة حتى جاء إلى قوله تعالى: “يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً …..” فقررها لأكثر من عشرين مرة.. حتى زرفت دموع الحاضرين واستحسنه الناس.

ومن المواقف المشهودة فى حياته أن جده ووالده كانا يُلحان عليه دائماً بضرورة بناء مسجداً بقرية شبرا باص مسقط رأسه إلا أن أمه نصحته بعدم بناءه، وكانت ترفض وفي عصبية شديدة وتقول: “لا.. لا يا محمود.. لا تبني هذا المسجد” وعندما سألها عن سبب ذلك قالت: “لو أنك بنيت هذا المسجد ستموت في نفس العام الذي تبنيه فيه.. وأنا لا أستطيع أن أعيش دون أن أراك دائماً وبخير.. فأنتظر حتى ألقى ربي.. ثم أفعل ما تريد”، وبالفعل بعد وفاة أمه شرع في بناء المسجد وعندما أكتمل هيكله الخرساني وقبل الإنتهاء من التشطيبات النهائية توفى الشيخ البنا.

ارتبط فضيلة الشيخ “البنا” بالإمام محمد متولى الشعراوي بعلاقة صداقة قوية لدرجة أنه أوصاه بأن يصلى عليه ويتقدم ما أسماه “التشريفة” ويقصد جنازته، والتى خرجت من مسجد الإمام الحسين يوم السبت 20 يوليو 1985 إلى مثواه الأخير فى مسقط رأسه بجوار مسجده الذى لم يكتمل بنائه وقتها، ودعى له الشيخ “الشعراوى” عند قبره وأمن الناس خلفه وختم دعائه بقوله: “اللهم أثبه خير ثواب عن كل حرف تلاه وعن كل من سمع حرفاً وعن كل ما أذيع له من القرآن الكريم”.

مُنِحَ الشيخ “البنا” وسام العلوم والفنون عام 1990 بعد وفاته في الاحتفال بليلة القدر وتسلم الوسام أبنه الأكبر المهندس شفيق البنا وكرمته محافظة سوهاج بإطلاق إسمه على القرى الجديدة بالمحافظة، كذلك أطلقت محافظة الغربية إسمه على الشارع الرئيسي بجوار المسجد الإحمدي بمدينة طنطا، كما أطلقت محافظة القاهرة إسمه على أحد شوارعها.

استقبال رسمى رفيع المستوى فى الخارج للشيخ محمود على البنا
استقبال رسمى رفيع المستوى للشيخ محمود على البنا
الشيخ محمود على البنا بين أحبابه
الشيخ محمود على البنا والشيخ نصر الدين طوبار
الشيخ محمود على البنا يرتل آيات الذكر الحكيم
الشيخ محمود على البنا يستمع للقراءة
الشيخ محمود على البنا
تكريم ملكى للشيخ محمود على البنا
الشيخ محمود على البنا قبل وفاته
الشيخ محمود على البنا
الشيخ محمود على البنا خلال إحدى الحفلات الخارجية
الشيخ محمود على البنا يتوسط عدد المشايخ عبد الباسط وغلوش وطوبار
الشيخ محمود على البنا يحتثى فنجاناً من القهوة مع ابنته الصحفية بالأهرام
الشيخ محمود على البنا يصافح السادات
الشيخ محمود على البنا

إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"

المصدر :" almessa "

أخبار ذات صلة

0 تعليق

محطة التقنية مصر التقنية دليل بالبلدي اضف موقعك
close
  • adblock تم الكشف عن مانع الإعلانات

الإعلانات تساعدنا في تمويل موقعنا، فالمرجو تعطيل مانع الإعلانات وساعدنا في تقديم محتوى حصري لك. شكرًا لك على الدعم ??