: ضحكات تهون الحصار.. رحلة البحث عن "الكوميديا المصرية" فى غزة

اليوم السابع 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

belbalady.net في الأزقة الضيقة والشوارع المتربة لقطاع غزة، حيث الحياة بين الأنقاض، يجد النازحون من شمال الوادي إلى جنوبه في دير البلح طريقة للتشبث بخيوط الأمل، القصف الذي يمزق سكون الليل يُذكّرهم بقسوة الواقع، لكن بإرادة الحياة، يبتكرون كل يوم طرقًا للضحك، الغارات تحمل رائحة الموت، بينما هم يبتكرون نهارًا رائحة تدغدغ الأنوف وتنعش الذاكرة، مُذكّرة إياهم بأن الحياة لا تزال تنبض في عروقهم.

أمام لافتة تروّج لبيع حلقات المسلسلات الرمضانية، وقف مجد شكري، الشاب الفلسطيني، يتأمل بنظراته الإعلان الملفت لأحد المنازل القليلة في أزقة غزة التي تقدم الحلقات التلفزيونية مقابل مبلغ رمزي.

وهو ينتظر دوره لشحن هاتفه النقال والحصول على المسلسل المفضل، لاحظ مجد الألواح الشمسية المثبتة عالياً، وهي تستقطب أشعة الشمس الذهبية، محولةً هذه الأشعة إلى طاقة كهربائية تبعث النور في ربوع غزة. تلك الخلايا الشمسية، التي تنتج طاقة تتراوح ما بين كيلو واحد إلى اثنين كيلو وات، تكفي لإعادة الحياة إلى الهواتف الجوالة بتكلفة زهيدة.

ومع انسدال الليل، يتحول الشحن البسيط إلى لحظات من البهجة، حيث تمكّن تلك الألواح السكان من شحن أجهزتهم ومتابعة حلقات المسلسلات بعد وجبة الإفطار.

يقف مجد هناك، عيناه عالقتان باليافطة، وهو يفكر في الحلقة القادمة من المسلسل، معظم رفاقه في التشريد والنزوح يشاركونه نفس المطلب: نريد مسلسل "الكبير أوي 8" أو "بابا جه"، هذه هي الأعمال التي يبحث عنها الفلسطينيون في أوقات الاستراحة بين الغارات.

الضحك ينتشلهم من دائرة الموت، يشغلهم عما سيحدث بعد قليل، عن البيوت التي ستتهدم، عن الأم التي ستصرخ باكية لفقدان وليدها. في الكوميديا، يجدون عزاءهم.

في ظل الكآبة والتوتر الذي يخيم على الأجواء، يتجنب الفلسطينيون المسلسلات التي تزيد من ثقل الحياة. يروي مجد كيف أنه شخصيًا فقد العديد من الأصدقاء، ما بين 30 إلى 40 شهيدًا، في الحرب التي لا ترحم. وفي محاولة للتخفيف من وطأة هذه الخسائر، يلجأون إلى المسلسلات الكوميدية.

وجد مجد، في المسلسلات المصرية ملاذًا يُعيد إليه الابتسامة. رغم أهوال الحرب، ظل متابعًا وفيًا لسلسلة "الكبير أوي" على مدى تسع سنوات، وهي السلسلة التي رسمت الضحكة على وجوه الكثيرين في القطاع، لا يقتصر الأمر على مجد وحده. تبع ذلك مسلسل "بابا جه"، وفي العام الماضي، استمتع بـ ‘الصفارة’.

في غزة، لا يجد السكان متسعًا في قلوبهم لمتابعة الدراما التراجيدية التي تعكس واقعهم المؤلم. فالمأساة التي يشهدها العالم من الخارج، يعيشونها يوميًا، ويظن البعض أنهم يستسلمون للبكاء واليأس. لكن في الحقيقة، يسعون إلى مسارات تلهيهم عن الأحداث الدرامية المحيطة بهم، مليئة بالصراع والدمار.

يبحثون عن محتوى يُدخل البهجة إلى قلوبهم، يُساعدهم على الضحك ولو لنصف ساعة يوميًا، في محاولة للهروب من الواقع القاسي الذي يعيشونه.

مع حلول الليل، يجلس مجد في غرفته المظلمة، يفتح جواله ليشاهد مع زوجته حلقة جديدة من المسلسل الكوميدي المفضل لديهم. بعد الانتهاء، يرسل الحلقة إلى شقيقه، الذي يجتمع بأولاده في الخيمة لمشاهدتها.

يضحك مجد، ليس فقط على النكات في المسلسل، بل على الحياة القاسية التي أخذت منه الكثير، وظيفته، بيته الكبير في شمال الوادي، والتجمعات الأسرية أمام التلفاز. الحرب حرمته من هذه اللحظات، لكنه وجد في الكوميديا وجواله نافذة صغيرة يطل منها على العالم، نافذة تمنحه القوة لمواجهة الغد.

WhatsApp Image 2024-04-08 at 10.37.54 AM

مجد شكري

 

WhatsApp Image 2024-04-08 at 10.37.55 AM (1)

شحن الهواتف 

 

WhatsApp Image 2024-04-08 at 10.37.55 AM (2)

لقطة من مسلسل بابا جه

 

WhatsApp Image 2024-04-08 at 10.37.55 AM

اعلان عن مسلسلات رمضان

إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"

المصدر :" اليوم السابع "

أخبار ذات صلة

0 تعليق

محطة التقنية مصر التقنية دليل بالبلدي اضف موقعك
close
  • adblock تم الكشف عن مانع الإعلانات

الإعلانات تساعدنا في تمويل موقعنا، فالمرجو تعطيل مانع الإعلانات وساعدنا في تقديم محتوى حصري لك. شكرًا لك على الدعم ??