يزخر التاريخ البحري بالعديد من الكوارث التي راح ضحيتها الكثير من الأشخاص، ولكن تبقى كارثة غرق السفينة تايتانيك هي الأشهر والأقسى، فعلى الرغم من مرور أكثر من قرن على غرقها، إلا أن المزيد من التفاصيل الغامضة لا تزال تٌكشف حتى اليوم.

وفي عام 1912 وخلال أول رحلة لها عبر المحيط الأطلسي ما بين مدينتي ساوثمبتون ونيويورك، اصطدمت سفينة "تيتانيك" أثناء الليلة الفاصلة بين يومي 14 و15 أبريل، بجبل جليدي لتغوص على إثر ذلك نحو أعماق المحيط، ما تسبب في وفاة ما لا يقل عن 1500 شخص إما غرقا أو تجمدا بسبب درجات الحرارة المنخفضة.

جثث ضحايا السفينة تايتانيك

وعلى مدار سنوات طويلة تساءل الكثيرون عن مصير جثث ضحايا السفينة الغارقة، وإذا ما تم استعادتها.

يذكر المؤرخون أنه في أعقاب الانتهاء من إنقاذ الناجين، تم تكليف بعض السفن الأخرى بمهمة التوجه نحو موقع غرق السفينة تيتانيك لجمع جثث المتوفين أملا في تسليمها لأهاليها.

ووقتها قررت مؤسسة وايت ستار لاين اختيار مدينة هاليفاكس الواقعة بمقاطعة نوفا سكوشا الكندية، لاستضافة جثث ضحايا السفينة المنكوبة التي تم انتشالها، وبخاصة أن تلك المدينة قريبة للغاية من موقع حطام السفينة.

ضحايا السفينة تايتانيك

كما قامت وايت ستار لاين بتكليف سفينة سي أس ماكاي بينيت، المختصة في مجال وضع كابلات الاتصال بالمحيط الأطلسي، بمهمة البحث عن الجثث، خاصة أنها تمتلك الخبرة الكافية بمجال الإبحار بالمحيط الأطلسي ومواجهة الظروف المناخية القاسية، وبالفعل أبحرت السفينة في 17 أبريل 1912 وعلى متنها مئات التوابيت الخشبية والأكياس المخصصة لحفظ الجثث، كما وضع على متنها ما يقارب 100 طن من الجليد والمواد الأخرى الحافظة المستخدمة بمجال التحنيط لتسهيل عملية نقل الجثث والحفاظ عليها.

وبعد صعوبات عديدة، تمكنت السفينة سي أس ماكاي بينيت من استرداد جثث 306 أشخاص من ضحايا تيتانيك، وأثناء انطلاقهم نحو هاليفاكس، اضطر طاقم السفينة للتخلص من حوالي 116 جثة عن طريق إرجاعها للبحر بسبب نفاد التوابيت والمواد المخصصة لحفظ الجثث.

ومع تضافر جهود البحث بمشاركة السفن الأخرى، تمت استعادة 328 جثة. لاحقا، سلمت 59 جثة منها لذويها عقب التعرف على هوياتها بينما دفن البقية بمقابر جماعية.

ولزيادة المأساة، فإن معظم الجثث المدفونة في البحر تعرضت لأضرا، إذ لا يمكن معها التعرف عليها أو كانت مملوكة لأفراد الطاقم أو ركاب الدرجة الثالثة.

أقرأ أيضا:

غرائب تيتانيك.. قصة البريطاني الذي تلقى أول نداء استغاثة أثناء الغرق وحدّد مكان الحطام بعد 73 عامًا